info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
السبت ٢٧ - يوليو - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
السبت ٢٧ - يوليو - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
وجهات نظر
سنة الرسول أفعال وليست أقوال..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

جاءت رسالة الإسلام تحمل قيمًا إنسانية سامية، وترجم رسولنا الكريم على أرض الواقع مطبقًا قيم القرآن والأخلاقيات التي يدعو لها، ولذلك وصفه الله سبحانه (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4)، وأضاف بعدًا آخر مكملًا للأخلاق وهو الرحمة، كما في قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107).

وما بين الخلق العظيم والرحمة فضائل عديدة، تحث على المحبة والتسامح وتبين أن الدين علاقة فردية، وحرية العقيدة كفلها الله سبحانه بقوله: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، ثم آية أخرى نصت على نفس القاعدة قوله تعالى (فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر) (الكهف: 29).

كما أن الله سبحانه يبلغ عباده بأن يتخذوا من سلوك رسوله الكريم قدوة ومثلا أعلى في ترجمة القيم القرآنية والفضائل التي يدعو الله الناس إلى ممارستها سلوكًا وعملًا، يكون المردود مجتمع مسلم يعيش فيه الجميع بالرحمة والخلق العظيم في أمن واستقرار.

ويصف الله سبحانه رسوله بقوله (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب: 21)، مما يعني أن السنة أفعال وليست أقوالًا، ولذلك أصبحت سنة الرسول عليه الصلاة والسلام خلقه وسلوكه كل ما جاءت به الآيات الكريمة التي جعلها الله برنامجًا يعيد صياغة الإنسان أخلاقًا ورحمة؛ لتحقق له السعادة في الدنيا والآخرة والعيش الآمن، فإذًا لا بد من تصحيح مفهوم السنة، إنها الأسوة وتعني القدوة، والسنة تعني السيرة كما تعني الأفعال التي يمارسها الإنسان في حياته أو تعني السلوك الذي ينتهجه أو المنهج الذي يطبقه.

ولذلك كان المنهج الذي يطبقه الرسول عليه الصلاة والسلام كل القيم القرآنية والأخلاق والفضائل والمعاملة الحسنة مع الناس جميعًا، ولذلك جعله الله للمسلمين قدوة، حيث يقول سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).

يأمرنا سبحانه بأن نتأسى به ونتبع المنهج الأخلاقي الذي يتعامل به، ويجعله المسلمون قدوة لهم في ممارساته وسلوكياته، فتلك هي السنة الحقيقية التي يريدنا الله سبحانه أن نلتزم باتباع رسولنا في كل أفعاله، يعلمنا الإيمان والإحسان بالحكمة والموعظة الحسنة، يعلمنا شعائر العبادات والسلوك بالتعامل مع جميع أفراد المجتمع بالمعاملة الحسنة والصبر على تصرفاتهم السلبية، وأن يتعامل معهم بالحسنى والعفو عنهم متبعًا قوله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).

ليرسم طريق الخير والمحبة والرحمة والعدالة بين البشر ويتبعون سلوكيات القرآن التي أمرنا الله سبحانه بأن نعتبر رسولنا الكريم قدوة يحتذي به المسلمون، أما أن يصبح كلام البشر فوق كلام الله ونهجر القرآن لحساب الروايات والإسرائيليات واتباع أسماء لأناس ماتوا من مئات السنين لا يستطيع الإنسان أن يؤكد هل هم حقيقة أم وهم أرادوا أن يصرفونا عن القرآن الكريم، ألم يأمرنا الله سبحانه بأن نجعل رسول الله لنا قدوة حسنة وفيه يقول سبحانه وتعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).

فمن هم الذين تعنيهم الآية الكريمة بجعل الرسول قدوتهم في تعامله مع أهله وقومه والناس أجمعين بالحسنى والرحمة والعدل، هم الذين يرجون الله واليوم الآخر وذكروا الله كثيرًا.

وضع الله للناس سبحانه قواعد تدلهم على التمسك بحبل الله؛ حيث يخاطب سبحانه رسوله بقوله (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (الزخرف: 43 ـــ 44)، ماذا أنزل الله على رسوله ويأمره بالتمسك به، أليس القرآن الكريم، ويحذره مع قومه أنه سيسألهم الله يوم القيامة هل اتبعوا قرآنه؟ وهل تعرفوا بيانه؟ وهل تدبروا أحكامه واستنبطوا من آياته أحكامه وتخلقوا بفضائله؛ ليحسن الإنسان إسلامه؟ كلا، حينما يتهم القرآن على لسان رسوله ويشتكي لله قومه بقوله (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقرآن مَهْجُورًا) (الفرقان: 30).

فهل سيُسأل الإنسان هل اتبعت البخاري ومسلم والترمذي والمئات من ناقلي الروايات والإسرائيليات المدسوسة على رسولنا الكريم؟ التي نسبوها للصحابة وتم تدوينها بعد قرنين من الزمان، كيف يمكن أن يخالف رسول الله رسالة ربه؟ وهو يأمره بالتمسك بالقرآن ويخبره بأنه ذكر لك ولقومك وسوف تُسألون عنه يوم القيامة، تحذير من الله بأن من يتبع غير القرآن سيكون عذابه أليمًا! هل من المنطق أن الرسول وهو مكلف بتبليغ القرآن للناس يشرح آياته ويعرفهم أحكامه أن يأتي بأحكام وتشريعات تتعارض مع آيات الله؟ وحينما كلفه سبحانه وتعالى بإبلاغ الناس بآياته حيث يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (سورة المائدة).

فإذا كان ما تعنيه الآية الكريمة بكل وضوح حيث يأمر رسوله بتبليغ رسالة الإسلام تضمنها كتاب الله المبين وحددت آياته مراد الله لخلقه من دعوته لهم بالعمل الصالح والتسابق للخيرات، لتحقيق السلام الاجتماعي للمجتمعات الإنسانية ليستمتعوا بحياة الأمن والاستقرار، يسودها التراحم ويطبق فيها العدل دون اعتداء أو ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بأي وسيلة كانت، لأن الله لا يحب المعتدين ولا يحب الفساد في الأرض ولا يحب الظالمين.

فكيف يمكن للرسول الكريم أن يبلغ الناس أحاديث لم يأمره الله بأن يأتي بأي شيء من عنده غير تعريف الناس بأحكام العبادات ومقاصد الآيات ويشرح لهم سبل السلام ويطبق أمامهم قيم القرآن وفضائله، ولذلك وصفه الله سبحانه وتعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (سورة القلم: ٤)، وعندما قال سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: ٢١).

حيث إن الله سبحانه يوجه الناس بأن يتبعوا رسول الله في سلوكه وتعاملاته مع أهله وقومه ومع كل الناس دون استثناء، رحيما بهم عادلا بينهم متسامحا مع من يسيء إليه، صادقا وأمينا لم يعتدِ على حقوق الناس ولَم يظلم أحدا منهم ولَم يُحابِ في الحق، قريبا، بل يدعوهم للمحبة والتعاون والدفع بالتي هي أحسن، يقرب ولا يفرق، يوحد بينهم، يمسح دموع اليتامى ويقف مع الحق ويساند المظلوم، يعطف على الفقراء والمساكين ويدافع عن حقوقهم، الكل عنده أمام العدالة سواء، يزور مريضهم ويتفقد أحوالهم، يقود جيش المسلمين في المقدمة دفاعًا عن حقه الإلهي في حرية التعبير ونشر دين الحق بالموعظة الحسنة والحكمة، تجده في حالة الاعتداء على قومه يهب دفاعًا عنهم وعن عقيدتهم.

ومع ذلك فإن عرضوا السلم تقبله ليعصم الدماء ويحقق السلام، هدفه الأسمى هداية الناس لما يصلحهم ويحقق لهم الأمن والاستقرار والعيش الكريم، وكثير من الفضائل والأخلاق التي بها وصفه الله بالخلق العظيم وجعله قدوة للمسلمين، ولكن المسلمين لم يطيعوا الله لما يحقق صلاحهم، فاتبعوا الشياطين ناقلي الروايات الذين تسببوا في خلق الفتن بين الإخوة، وتقاتل الأشقاء وسالت بينهم الدماء، خلقوا التباسا خطيرا في رسالة الإسلام، زرعوا الشقاق وشوهوا قيم الأخلاق، تحولت النفوس برواياتهم إلى وحوش فقدت الضمير، ترى وجوههم مكفهرة، خطابهم امتزج بالحقد الأسود والكراهية، يكفرون الناس ويتهمونهم بالردة، تحولوا بواسطة الروايات وكلاء عن الله في الأرض، وعندما يقول سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب: ٢١)، إنما يعني أنه يأمر عباده جميعًا بأن يقتدوا بسلوكه ويتبعوا المنهج الإلهي الذي جعل قيم القرآن وفضائله يترجمها رسول الله على أرض الواقع، وتلك هي سنته الحقيقية التي يجب على المسلمين الالتزام بتطبيقها سلوكًا ومعاملة وتشريعًا، إذًا الأسوة قدوة والقدوة سنة يتفاعل بها المسلم مع المنهج الإلهي قولًا وعملًا.

لقد نقل الرسول عن ربه آيات بينات من الهدى والفرقان ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ولكن انصرفوا عن القرآن واتبعوا أهل الروايات التي نسبوها للرسول بهتانا وزورا وهجروا القرآن واتخذوا إلى الشيطان سبيلا، هل أمر الله رسوله بأن يحدث الناس بشيء غير القرآن والله يكلفه بقوله (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (سورة ق: ٤٥)، كيف وما قبلها من آيات يؤكد الله لرسوله في تكليفه أمرا محددا؛ أن يتمسك بالقرآن وأن يذكر الناس بالقرآن، حيث يقول سبحانه (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (البقرة: ١٥١).

هذه الآية تؤكد أيضًا التكليف الإلهي لرسوله، أن يتلو على عباده آياته من القرآن الكريم ولا يوجد في الآيات الكريمة حرية التصرف للرسول في إبلاغ الناس بشيء آخر غير القرآن الكريم، ثم تأتي آية صريحة وأمر واضح للناس بقوله سبحانه (المص كِتابٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلا يَكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ مِنهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ) (الأعراف: ١ ــ ٣).

فماذا بعد أمر الله باتباع القرآن وعدم اتباع من دونه أولياء؟ ماذا يريد الذين نصبوا أنفسهم شيوخًا للإسلام وعلماءه، ومصادرهم الرئيسية مجموعة من الخرافات والأساطير والروايات الشيطانية؟ هل فقدوا البصر والبصيرة ونسوا الله فأنساهم أنفسهم؟ وفيهم يصدق قوله سبحانه مخاطبا أدعياء الوعظ والإرشاد (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) (الفرقان: ١٧)، فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفًا ولا نصرًا ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإنسان خَذُولًا وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقرآن مَهْجُورًا) (الفرقان: ٢٧ ــ ٣٠)، فويل للذين هجروا القرآن من عذاب عظيم في الدنيا والآخرة، وما نحن فيه الْيَوْمَ من شقاء وقتال وفتن، ودماء الأبرياء تسيل عبثا وحياة الضنك التي يعيشها العرب، ينطبق علينا قوله تعالى (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى) (طه: ١٢٣ ــ ١٢٤).

لقد جعلونا نتوه في رواياتهم ويضيع عمرنا هدرا في جدال عقيم بين العلماء، كل يعتقد أن مصدره حق أكثر من غيره، فاخترعوا آليات للتأكد من سلامة الروايات بينما رسالة الإسلام اكتملت في حجة الوداع، حيث قال الله سبحانه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِينًا) (المائدة: 3)، في تلك اللحظة يقول عنها سبحانه (وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ) (الأنعام: 115)، فلا حاجة للمسلمين من الجري خلف روايات أضلت المسلمين وانحرفت برسالة الرحمة والعدل إلى رسالة قتل واستبداد، إلى استعلاء على الناس ونشر خطاب الكراهية واستبعاد الآخر بل وتصفيته، فإذا كانت الروايات استدرجت العرب المسلمين إلى طريق مظلم، فلماذ لا نرجع إلى طريق النور؟ كيف نعلي كلمات متناقضة تدعو للفتنة والقتل ونترك كلمات الله التي تدعو للمحبة والعدل والرحمة بين جميع البشر والله يقول سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6)؟

وتتناغم الآية التالية مكملة للاستفسار الإلهي الاستنكاري بقوله (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـذَا الْقرآن مَهْجُورًا) (الفرقان: 30)، وقال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (البقرة: 170)، وقال تعالى (إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة: ١٧٤)، ألم يأمرنا سبحانه بقوله (اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ) (الأعراف: 3)، فالسؤال: لماذا الإصرار على مخالفة أوامرا الله؟ يأمرنا بالوحدة وعدم التفرق والروايات تدفعنا للفتنة والفرقة، يأمرنا بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 103).

ويحذرنا بقوله سبحانه (وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم) (الأنفال: 46)، نختلف لأتفه الأسباب ويحدث بين العرب المسلمين التنازع ويتحول التنازع إلى قتال بين الأشقاء وأصحاب الدين الواحد الذين يحذرهم الله بقوله سبحانه (وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم)، أليست من مصلحة الأمة الإسلامية وعلى الأخص الشعوب العربية وما يربطها من علاقات التاريخ والمصير المشترك لمواجهة عدو متربص من قرون ليحتل أوطانهم ويستبيح حقوقهم ويسرق ثرواتهم ويحولهم عبيدًا يطيعونه، عندما يأمر بكل المذلة والإهانة، هل تعلمون لماذا؟ لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فدخل في قلوبهم الرعب والفزع من زوال ملكهم، ولو آمنوا أن ملكهم ملك لله لما طأطأوا الرؤوس وتوقفوا عن قبول الذل والابتزاز والتهديد وحافظوا على ثرواتهم ومدوا يد السلام لأخوتهم العرب والمسلمين، ولضيعوا فرصة العدو للانقضاض عليهم وتفريقهم وتشتيتهم الذي يطعمهم السم والحصرم. شتت شملهم وخلق الفتن بينهم، فلا خلاص للعرب والمسلمين إلا بالعودة للمنهج الإلهي في القرآن الكريم، ولذلك أمر الله رسوله محددا مهمته بقوله سبحانه (وَإِن ما نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيكَ البَلاغُ وَعَلَينَا الحِسابُ) (الرعد: 40).

إذًا ما هو أمر الله الذي يريد رسوله أن يبلغه للناس؛ أليس آيات كريمة في كتاب مبين؟ هل أمره بشيء آخر في خطاب التكليف؟ كلا، وألف كلا ومن زور وكذب وفبرك وادعى بأن رسول الله بلغ الناس بشيء غير القرآن، فقد افترى على رسول الله وعصى كتابه وخان رسالة الإسلام، فليتبوأ مقعده من النار وله عذاب عظيم يوم الحساب والقرآن يؤكد في كثير من آياته ويحاور الله عباده بقوله سبحانه: (المر تِلكَ آياتُ الكِتابِ وَالَّذي أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ الحَقُّ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يُؤمِنونَ) (الرعد: 1).

فالله سبحانه برحمته بعباده يدعوهم إلى اتباع كتابه ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم للصراط المستقيم، ويعدهم بالحسنى وجنات النعيم، حيث يقول سبحانه (لِلَّذينَ استَجابوا لِرَبِّهِمُ الحُسنى وَالَّذينَ لَم يَستَجيبوا لَهُ لَو أَنَّ لَهُم ما فِي الأَرضِ جَميعًا وَمِثلَهُ مَعَهُ لَافتَدَوا بِهِ أُولـئِكَ لَهُم سوءُ الحِسابِ وَمَأواهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ المِهادُ) (الرعد: ١٨).

لقد وضع الله للناس قاعدة وهي حرية الاختيار، فمن قبل دعوة الله وما جاءت به الآيات الكريمة فقد فاز في الدنيا والآخرة، ومن اتبع الروايات والإسرائيليات فقد خسر الدنيا والآخرة.




اخترنا لكم