info@assayad.com     +971 2 443 7475     +971 777 55 33
العدد 3907
 - 
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤ 
ABU DHABI
ABU DHABI
الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤  /  العدد 3907
الأرشيف
تابعونا على فيس بوك
تابعونا على تويتر
اقتصاد
بقلم إندا كوران وسايمون كينيدي
ندوب "كورونا" ستبقى طويلاً في جسد الاقتصاد العالمي
تماماً مثلما يعاني بعض المرضى المتعافون من "كوفيد-19" من أعراض طويلة الأمد، أصبح واضحاً أن الأمر ذاته سينطبق على الاقتصاد العالمي بمجرد تلاشي انتعاش "V" لهذا العام.. وفي حين أن 26 تريليون دولار من حزم الإغاثة العالمية الداعمة ضد الأزمات، وعمليات طرح اللقاحات أدت إلى تعافٍ أسرع مما توقعه الكثيرون، إلا أن الإرث الثقيل الذي خلّفه "كورونا" من توقف التعليم، وتدمير الوظائف، ومستويات الديون المرتفعة، واتساع أوجه عدم المساواة بين الأعراق والأجناس والأجيال والمناطق الجغرافية، من شأنه ترك ندوب دائمة في معظم دول العالم، الفقيرة منها على وجه الخصوص.
وقال فيلور آرثي من جامعة كاليفورنيا، والمتخصص بالتأثير الصحي والاقتصادي طويل الأجل للأزمات الماضية: "من السهل جداً بعد عام شاق أن تشعر بالارتياح لعودة الأمور إلى مسارها الصحيح.. ولكن من خلال دراستنا للتاريخ، هناك الكثير من التأثيرات التي تمتد غالباً لعقود ولا يمكن معالجتها بسهولة".. لقد كان الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي هو الأكبر منذ الكساد الكبير، ووفق تقديرات منظمة العمل الدولية، خسر نحو 255 مليون شخص وظائفهم بدوام كامل.. ويعتقد الباحثون في مركز "بيو للأبحاث" أن الطبقة الوسطى العالمية تقلّصت للمرة الأولى منذ التسعينات، وانخفضت التكاليف بشكل غير متساوٍ.
وسلطت بطاقة أداء مؤلفة من 31 مقياساً عبر 162 دولة، ابتكرتها شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الضوء على الفلبين وبيرو وكولومبيا وإسبانيا باعتبارها الاقتصادات الأكثر عرضة للندوب طويلة المدى، في حين كان يُنظر إلى أستراليا واليابان والنرويج وألمانيا وسويسرا على أنها الأفضل.. وقالت كارمن راينهارت، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي: "إن العودة إلى معيار ما قبل كوفيد سيستغرق وقتاً. وتداعيات الجائحة لن تنعكس في كثير من البلدان، كما لن تكون التأثيرات متساوية".
ويرى صندوق النقد الدولي أن الاقتصادات المتقدمة أقل تأثراً بالفيروس لعام 2021 وما بعده، على عكس عام 2009 وأزمتها المالية الخانقة آنذاك، حين تعرضت الدول الغنية لضرر أكبر في ذلك الوقت. ومع توقعات ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة العام المقبل بأكثر من مستويات ما قبل "كوفيد-19"، مدفوعاً بالحوافز التريليونية من الدولارات، تُظهر توقعات صندوق النقد الدولي القليل من الندوب المتبقية من الوباء للاقتصاد رقم 1 في العالم.
وقد حذر البنك الدولي، في تقرير صدر في يناير/ كانون الثاني الماضي، من عشر سنوات من خيبات الأمل في النمو العالمي، ما لم يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية. وقدّر البنك أن الناتج العالمي سينخفض بنسبة 5% بحلول عام 2025 من مستواه قبل الوباء، وأن معدل النمو الذي يتمحور حوله التضخم سينخفض إلى أقل من 2% في العقد المقبل، بعد أن انخفض بالفعل من 3.3% في التسعينات إلى 2.5% في العقد الأول من القرن الجديد.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن الأمر لن يتطلب ضياع عقد آخر من النمو إذا تم اتخاذ خطوات صحيحة وفاعلة، خاصة في مجالات إعادة صقل مهارات العمال ودعم أولئك الذين تضرروا بشدة من الأزمة.. وتشمل إحدى تلك الخطوات تشجيع سياسات تخلق حوافز للأعمال التجارية وتدفعها نحو الابتكار والاستثمار، ولا سيما في قضايا التغير المناخي.
لقد أرسل الانتعاش "V" الذي حققته بعض الدول ومنها نيوزيلندا، وسرعة سيطرتها على الفيروس إشارات تحذيرية، وها هو الاقتصاد النيوزيلندي ينكمش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020، مصحوباً بفراغ خلّفه غياب السياح الأجانب، وعدم تمكن السكان المحليون من ملئه. والآن، تواجه الدولة التي لطالما تصدرت تصنيفات "بلومبيرج" في مرونة تعاملها مع "كوفيد-19"، احتمالية حدوث ركود مزدوج.. وفي الصين، حيث كان الوباء تحت السيطرة لمدة عام تقريباً، عرقل الإنفاق على التجزئة عملية الانتعاش الأوسع نسبياً.
وقال توم أورليك، كبير الاقتصاديين في "بلومبيرج إيكونوميكس": "إن التركيز على الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، مع قيام كل من الولايات المتحدة والصين بدورهما كمحركين للنمو في العالم، يعد بمثابة انتعاش حاد على شكل حرف "V".. ولكن الواقع يشير إلى وجود عدم مساواة كبير بين الأسواق المتقدمة والأسواق الناشئة، وبين الشركات المتميزة ومنافستها الأصغر، والعمال ذوي المهارات العالية والمنخفضة، وكلها ندوب ستستغرق وقتاً أطول للشفاء".
أما آدم بوسن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فيرى أن هناك عدم يقين حقيقي حول مدى تغير سلوك الناس بالنظر إلى أنماطهم الاستهلاكية نتيجة لهذه الأزمة. وإذا عاد الناس لتناول الطعام في المطاعم، والقيام برحلات ترفيهية، وملئء صالات الألعاب الرياضية، سينتعش الكثير من هذه الصناعات. ولكن بحسب آدم، من الممكن أن تتغير أيضاً أذواق الناس بشكل فعلي، وفي هذه الحالة سيكون هناك المزيد من البطالة المؤقتة من دون وجود إصلاح حكومي جيد لذلك.. ووفقاً لإحصاءات البنك الدولي، فإنه تاريخياً، وبعد خمس سنوات من حالات الركود الخاصة بدولة معينة، كانت توقعات النمو على المدى الطويل أقل بمقدار 1.5% عن الدول التي لم تشهد ركوداً.
لقد أدت الأزمة إلى تغييرات هيكلية دائمة، وإلى تسريع استخدام الروبوتات في قطاعات التصنيع والخدمات، وسط ازدياد رغبة كل من العمال والعملاء في الحماية من انتشار الفيروس. وفي حين يُحيي هذا الأمر الآمال ويحفز نمو الإنتاجية، إلا أنه يهدد ملايين الوظائف، ويضع علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كان سيتم خلق عدد كافٍ من الوظائف البشرية الجديدة في هذه القطاعات. ووفقاً لـ "ماكنزي أند كو"، قد يضطر أكثر من 100 مليون شخص في ثمانية من أكبر اقتصادات العالم إلى تبديل مهنهم بحلول عام 2030، ومن المرجح أن يعاني الأقل تعليماً، والنساء، والأقليات العرقية، من هؤلاء الأشخاص من فجوات في المهارات.
وستظهر الآثار طويلة المدى أيضاً في رأس المال البشري بعد أن أدى الوباء إلى منع الأطفال وطلاب الجامعات من حضور الفصول الدراسية لمدة تصل إلى عام في بعض البلدان، وبحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن خسارة ثلث العام الدراسي للتلاميذ المتضررين من عمليات الإغلاق في مكان ما، يمكن أن يحد من الناتج المحلي الإجمالي للبلد خلال الفترة المتبقية من القرن الحالي. كما حذرت المنظمة من أن الطلاب قد يشهدون انخفاضاً في الدخل بنسبة 3% على مدى حياتهم، مع تضرر الفقراء أو الأقليات أكثر من غيرهم.
وأظهر معهد التمويل الدولي ارتفاع إجمالي الدين العام إلى مستوى جديد بلغ 281 تريليون دولار على مستوى العالم، مضافاً إليها الحزم المقترضة في عام 2020 لمواجهة فيروس كورونا. وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز": "حتى من دون أزمة ديون، وبمجرد أن تبدأ أسعار الفائدة بالارتفاع، ستتعرض الحكومات والشركات للضغوط" مضيفاً، "سيعود الاقتصاد العالمي إلى التوظيف الكامل بعد التعافي، وبسرعة أكبر بكثير مما كان عليه بعد الأزمة المالية. ومع ذلك، سيبقى الاقتصاد عالقاً في حالة التباطؤ التي كانت سائدة قبل الوباء".
* بلومبيرج



اخترنا لكم